يقين بالرحمة في يوم عرفة

ورد في صحيح مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ما من يوم أكثر من أن يعتق الله فيه عبدا من النار من يوم عرفة، وانه ليدنو، ثم يباهي بهم الملائكة، فيقول: ما أراد هؤلاء...
الحمد لله الذي جعلنا من امة الإسلام و خصنا بيوم ليس كسائر الأيام ،يوم تغفر فيه الذنوب ، وتحط به الخطايا ، ويستذل به الشيطان
و جعل لنا من اجر الحجيج نصيبا، رغم بعد أجسادنا عن المكان.....
يوم عرفة يوم يجتمع فيه الحجاج من المسلمين من شتى بقاع الأرض، في اليوم التاسع من ذي الحجة على جبل عرفة ، الذي يقع على بعد عشرين كيلو مترا شرقي مكة ، حيث تقام هنالك أهم مناسك الحج وأعظمها ، والتي تسمى بوقفة عرفة لقوله صلى الله عليه وسلم : الحج عرفة
يجتمعون بلباس واحد، و قلب واحد، يجتمع فيه الحاكم و المحكوم، و الرئيس و المرؤوس ، و الكبير و الصغير ، و الغني و الفقير، و الأبيض و الأسود ، و العربي و الأعجمي ، يلهجون بلسان الوحدة لبيك اللهم لبيك هذا يوم طلب المغفرة من الله يوم تخر فيه الهامات سجودا لله و تلهج الألسن بالدعاء.
هذا يوم رفع الشكايات إلى الله . فها هم المسلمون اليوم ينادون يا الله... احفظ مسرى نبينا محمد صلى الله عليه وسلم ، ها هم المظلومون في فلسطين في غزة يرفعون اكف الضراعة إلى الله، و ينادون يا رب فك الحصار عن أهل غزة وفرج كربتهم......
ها هم المسلمون من أهل العراق الذين شتت شملهم، ومن السودان الذين فرق جمعهم، ومن الصومال و اليمن وباكستان وأفغانستان ولبنان، ها هم من كل مكان يدعون الله أن يحمي بلاد المسلمين من الفتن والأوبئة والكوارث، و يسألون الله من خيري الدنيا والآخرة............
فيا أيها المسلمون في كل مكان ، استثمروا أوقاتكم في هذا اليوم الفضيل بشتى أنواع العبادات ، واستزيدوا من الدعوات ، فهذا يوم فضل على سائر الأيام ، ومن فضائله : ....
1: انه أحد الأيام العشر المفضلة في أعمالها، لقوله تعالى: والفجر، وليال عشر وقوله صلى الله عليه وسلم : ما من أيام العمل الصالح فيها أحب إلى الله من هذه الأيام يعني أيام العشر قالوا: يا رسول الله ولا الجهاد في سبيل الله ؟ قال : ولا الجهاد في سبيل الله إلا رجل خرج بنفسه وماله فلم يرجع من ذلك بشيء
فلكل ثانية في هذا اليوم حسنات تضاعف بالمئات لمن استثمرها بالعبادة والطاعات .....
2: وهو اليوم الذي أكمل الله فيه الدين ، وأتم النعمة ، فعن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه قال : أن رجلا من اليهود قال : يا أمير المؤمنين ، إن آية في كتابكم تقرؤونها ، لو علينا نحن معشر اليهود نزلت ، لاتخذنا ذلك اليوم عيدا ، قال : أي آية : ، قال : اليوم أكملت لكم دينكم ، وأتممت عليكم نعمتي ، ورضيت لكم الإسلام دينا ومن المعلوم أن هذه الآية نزلت في يوم عرفة ............
3: كثرة العتق من النار في يوم عرفة، لقوله صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي ذكرناه في البداية..، ولقوله صلى الله عليه وسلم: لما سئل عن يوم عرفة، فقال: أحتسب على الله أن يكفر السنة التي قبله، والسنة التي بعده...
4: مباهاة الله بأهل عرفة أهل السماء ، ويكفينا فخرا أن هذا اليوم هو ملك للمسلمين 5: وهو يوم الدعاء فقد ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه لم يزل واقفا مستقبل القبلة، رافعا يديه، يذكر الله ويدعوه حتى غربت الشمس.......
6: وهو يوم ذلة للشيطان فقد ورد عن الحبيب محمد صلى الله عليه وسلم أنه قال : ما رئي الشيطان يوما هو فيه أصغر ولا أدحر ولا أحقر ولا أغيظ منه في يوم عرفة ، وما ذلك إلا لما رأى من تنزل الرحمة وتجاوز الله عن الذنوب العظام لأهل عرفة .....
7: وهو اليوم الذي يتذكر فيه المسلمون يوم الحشر، فيرجعون إلى ديارهم وقد صغرت الدنيا في أعينهم، وزاد حرصهم على الاشتغال بالآخرة
8: وفي هذا اليوم نتذكر حجة الوداع ونتذكر الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم ،، فنصلي عليه ونسأل الله أن يرزقنا شفاعته
أجل أحبتنا في الله ....
هذا يوم تغسل فيه الذنوب، و تنقى فيه القلوب، لتصبح نقية طاهرة كيوم مولدها على ظهر هذه البطحاء.
أي امة كأمة محمد صلى الله عليه و سلم ؟! لها في كل عام يومان ، ليس لأي امة من الأمم ، ليلة القدر، و يوم عرفة .
ليلة القدر: خصت بالعبادة في ليل تناجي به الله .
ويوم عرفة : خصت بنهار من بزوغ شمسها إلى غروبها، فهي عبادة نهارية .
و هذه دعوة منا، من كتاب هذه الصفحة الإيمانية، من هذه الجريدة الغالية ، أن نسامح و نغفر، ونخجل من الله الذي ينظر للمليارات وما يزيد من المسلمين ويرحمهم ويغفر لهم، ونستثمر هذا اليوم في الدعاء ثم الدعاء، والذكر وتلاوة القرآن، والصيام لغير الحاج، والصدقات على الفقراء ، وان لا نضيع هذا اليوم في الأسواق لأن السوق موجود بعد هذا اليوم ، أما يوم عرفة فلا يأتي إلا يوما في العام ، ولعلنا لا نعيش بعد عامنا هذا ...
و في العيد، هنالك أحبة لنا قطعناهم، فلنتذكر وصلهم حتى يصلنا الله و يستجيب لنا الدعاء...ونسأل الله أن يسلم لنا الحجيج ويعيدهم إلى ديارهم سالمين، اللهم آمين...